اختتمت مساء اليوم بالرياض أعمال اليوم الأول من مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين العاشر، الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية بتوقيع اتفاقيات استثمارٍ بقيمة تزيد على 10 مليارات دولار أمريكي، تشمل 30 اتفاقية وصفقة في عددٍ من القطاعات؛ بما في ذلك: التكنولوجيا، ومصادر الطاقة المتجددة، والزراعة، والعقارات، والمعادن، وسلاسل التوريد، والسياحة، والرعاية الصحية.
وكان اليوم الأول شهد افتتاح أعمال المؤتمر بالنيابة عن ولي العهد، من قبل الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية، حيث أكد حرص ولي العهد بالرفع من مستوى العمل للخروج بنتائج تليق بالشراكة العريقة والمتقدمة في جميع المجالات الاستثمارية الحيوية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية. وأضاف بأن شعار المؤتمر، التعاون من أجل الرخاء، يؤكد الأهمية البالغة والإمكانات الكبيرة والرؤى المشتركة التي تكمن في العلاقات الاستثمارية والتجارية بين العالم العربي والصين، ويسلط الضوء على كيفية التوافق المشترك وتبادل الخبرات وإطلاق فرص جديدة للنمو والاستثمار، والتي من شأنها تحقيق الرخاء والتقدم والازدهار لشعوب المنطقة والعالم”.
حفل افتتاح المؤتمر شهد أيضاً كلمة ترحيبية لوزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، حيث عبر عن شكره وامتنانه لولي العهد لرعاية هذا الحدث الكبير. ورحب المهندس الفالح بمشاركة الصين في هذه النهضة والتي تعد شاملة باتجاه النمو والتوسع، وتخلق فرصًا هائلة للنهضة القادمة، وللتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وسنعمل معها لاغتنام الفرص الكبيرة المتاحة لدعم التعاون والتكامل.
كما ناقشت الجلسات الحوارية وورش العمل عددٍ من الموضوعات الرئيسية المختارة؛ومن أهمها: المسؤولية الاجتماعية والبيئية والحوكمة، وتعزيز قدرة سلسلة التوريد على الصمود، حيث بلغ عدد المشاركين أكثر من 3,500 من قادة الأعمال والمبتكرين وصناع القرار من أكثر من 26 دولة.
وكان لمصر حضور قوي في مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين مناقشات اليوم الاول حيث شاركت الدكتورة رانيا المشاط في الجلسة الافتتاحية وتناولت رؤية مصر للتعاون مع الصين في ضوء العلاقات المتميزة التي تربط بين البلدين واسفرت عن العديد من المشروعات المشتركة والتي تمثل نموذجا للتعاون المثمر بين القاهرة وبكين
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، إن مصر والصين الشعبية تجمعهما علاقات وطيدة وشراكات استثمارية واقتصادية محورية، وأن “مبادرة الحزام والطريق” التي أطلقتها الصين عام 2013، تتسق مع أولويات التنمية الوطنية وأهداف رؤية مصر 2030، في ظل ما تتمتع به مصر من موقع جغرافي متميز يربط بين قارات العالم، وتواجد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ودورها المحوري في شبكة الطرق البحرية ضمن مبادرة الحزام والطريق، وكون قناة السويس أحد أهم الممرات البحرية للتجارة العالمية التي تربط بين القارات وتستحوذ على نسبة غير قليلة من التجارة العالمية.
وأضافت وزيرة التعاون الدولي، أن التمويل المبتكر أحد العوامل الأساسية التي تعزز التنمية في الدول المستفيدة من مبادرة الحزام والطريق وأنه مع إطلاق المبادرة عام 2013 كان هناك توجه من جانب الصين لإتاحة التمويلات التنموية للدول على طول خط مبادرة الحزام والطريق لتنفيذ مشروعات البنية التحتية، وبرز البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية كأحد المؤسسات الداعمة لهذا التوجه، لافتة إلى أن مصر عضو مؤسس في هذا البنك الذي يعد أحد شركاء التنمية لمصر لتمويل تنفيذ العديد من المشروعات التنموية، إلى جانب الانضمام مؤخرًا لبنك التنمية الجديد التابع لتجمع دول “البريكس”، والذي يعزز فلسفة التعاون جنوب جنوب ويشجع التكامل بين الدول الناشئة لتعزيز التنمية المشتركة، إلى جانب ذلك فإنه منذ إطلاق المبادرة تواجدت العديد من الشركات الصينية العاملة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من بينها شركة تيدا التي تتواجد بالمنطقة الصناعية بالسخنة، لتنمية وتطوير منطقة مخصصة لجذب الاستثمارات الصينية والأجنبية وإقامة مشروعات في العديد من القطاعات المنافسة من بينها الأجهزة الكهربائية والمنسوجات وتكنولوجيا المعلومات وغيرها.
وأكدت خلال مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين أنه مع انطلاق “مبادرة الحزام والطريق” الصينية بالتزامن مع التقدم المستمر في خطة تنمية محور المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، تطور التعاون بين الصين ومصر في مجالات التجارة والاستثمار والبنية التحتية بشكل مُطرد وحقق نتائج مثمرة، وخلال العشر سنوات الماضية أصبحت شركة تيدا مصر إحدى المنصات المهمة للتعاون الاقتصادي والتجاري والتبادل الثقافي بين الصين ومصر، ومن أهم الإنجازات التي تمكنت شركة تيدا تحقيقها هو استقرار عدة شركات مشتركة في المنطقة ومن أهم هذه الشركات، شركة جوشي مصر للألياف الزجاجية، شركة هونغهوا مصر الصين لمعدات البترول، ومن المقرر أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من الاستثمارات الصينية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تزامنًا مع الجهود التي تقوم بها الدولة لتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، وتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والشركات الكبرى الصينية في منطقة قناة السويس لما لها من امتيازات محفزة للاستثمار.
وذكرت وزيرة التعاون الدولي، أن مبادرة الحزام والطريق تعمل على تعزيز التنمية في العديد من القطاعات الحيوية، والتي تعد ذات أولوية لمصر في إطار رؤيتها التنموية لعام 2030 لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، مثل الارتقاء بالبنية التحتية في مجالات النقل والطاقة وتكنولوجيا المعلومات ومشروعات ربط المرافق، كما تتفق مع أولوياتنا التنموية، من حيث تحفيز النمو الاقتصادي والتصنيع، وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، وزيادة حركة التجارة البينية والتكامل المالي.
وأوضحت وزيرة التعاون الدولي، أن أهداف المبادرة تتسق مع جهود الحكومة المصرية لإطلاق عدد من المشروعات العملاقة ذات العائد الكبير والفرص الاستثمارية المتنوعة، وفى مقدمتها محور تنمية منطقة قناة السويس، القائم على إنشاء مركز صناعي وتجاري ولوجستي، والذي يعد بمثابة فرصة واعدة للشركات الصينية، وللدول الأعضاء في المبادرة، وغيرها من مختلف دول العالم الراغبة في الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي، كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلى مختلف دول العالم، وخاصة لتلك الدول التي تربطنا بها اتفاقيات تجارة حرة، لاسيما في المنطقة العربية وأفريقيا وأوروبا
ومن المقرر أن يشهد اليوم الثاني من مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين موضوعات وملفات تدعم ، فضلاً عن ورش عملٍ متخصصة ستبحث بتعمق عدداً من الموضوعات الرئيسية؛ مثل سلاسل التوريد الخاصة بقطاعي النفط والغاز، وشراكات الابتكار والبحث، والتحديات والحلول لسلاسل التوريد التجارية العالمية، والتعدين، وتصنيع الأغذية، سيشارك فيها العديد من كبار المسؤولين في القطاعين العام والخاص، في حين ستقدم الكلمة الختامية للمؤتمر ديلما روسيف، الرئيسة السابقة للبرازيل والرئيس الحالي لبنك التنمية الجديد، وهو بنك تنمية متعدد الأطراف أنشأته البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا (بريكس) بهدف تعبئة الموارد، ودعم مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
ويتزامن الحدث المختص بالتجارة والاستثمار، ونظمته وزارة الاستثمار السعودية بالشراكة مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والمجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، واتحاد الغرف العربية، مع تنامٍ مشهودٍ في حركة التجارة بين العالم العربي والصين، والتي بلغت قيمتها الإجمالية 430 مليار دولار أمريكي في العام 2022م، منها أكثر من 106 مليار دولار بين الصين والمملكة العربية السعودية فحسب، بمعدل نموٍ بلغ 30٪ مقارنةً بالعام 2021
وتسعى الدول العربية إلى استقطاب رأس المال الصيني وكذلك السياحة الصينية حيث يبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر للصين في أسواق العالم العربي 23 مليار دولار في العام 2021م، منها 3.5 مليار دولار في المملكة العربية السعودية. ومن المستهدف زيادة هذه الاستثمارات خلال السنوات المقبلة.