تترقب الحكومة المصرية ،موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على صرف شريحة جديدة من قرض صندوق البالغ قيمة 8مليار دولار ، حيث تبلغ قيمة الشريحة المنتظرة 820مليون دولار ، وذلك خلال جلسة الصندوق اليوم الإثنين.
وقام صندوق النقد الدولي، بإدراج مصر على جدول اجتماعات المجلس التنفيذي يوم 29 يوليو 2024، من أجل مناقشة المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وذلك في إطار تسهيل الصندوق الممدد.
أقرا أيضًا :رئيس الوزراء: صندوق النقد الدولى لا يفرض علينا شيئًا
وأوضح الصندوق أن الاجتماع سوف يشهد التشاور حول السياسة النقدية لمصر، وكذلك مناقشة التغاضي عن عدم تحقيق أحد معايير الأداء،بالإضافة إلى طلب تعديل بعض المعايير .
وتم تدشين صندوق النقد الدولى مع نهاية الحرب العالمية الثانية ،حيث ظهر صندوق النقد الدولي للوجود بصفة رسمية في 27 ديسمبر 1945 بعد توقيع 29 دولة على ميثاق الصندوق في مؤتمر بريتون وودز بالولايات المتحدة الأميركية في الفترة من 1-22 يوليه 1944، وبدأ ممارسة أعماله في الأول من مارس 1947، ويبلغ عدد أعضائه 190 دولة.
تاريخ مصر مع صندوق النقد الدولي
وانضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولى فى ديسمبر 1945 ،وذلك بعد توقيع 29 دولة على ميثاق الصندوق في مؤتمر بريتون وودز بالولايات المتحدة الأميركية في الفترة من 1-22 يوليه 1944، وتبلغ حصة مصر فى الصندوق نحو 1.5 مليار دولار .
ووّقعت مصر أول اتفاق مع الصندوق فى مايو 1962،و لكن المفاوضات تم تجميدها فترة من الزمان، إلى أن عادت الحكومة المصرية لاستئنافها في النصف الثاني من السبعينيات.
أول قرض من صندوق النقد الدولي
و اقترضت مصر من صندوق النقد الدولي لأول مرة في تاريخها عامي 1977 /1978 فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات نحو 186 مليون دولار، وذلك لحل مشكلة المدفوعات الخارجية وزيادة التضخم الذي قارب 8.6%.
تمثلت مبررات قرار القرض فى ظروف وملابسات عديدة عايشها الاقتصاد المصري بعد حرب أكتوبر 1973، فخلال الفترة بين 1973 و1977 عُقد برنامج التثبيت الاقتصادي، وخلال ذلك العام، كان تمويل الجزء الأكبر من الواردات المختلفة يتم عن طريق التسهيلات المصرفية التي بلغت حوالي 1.21 مليار دولار، تلك التسهيلات مثّلت قفزة كبيرة في الاعتماد على هذا النوع من الديون، كما بلغت نسبة عجز الميزان التجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي 10.2%، وارتفع معدل الدين إلى 39.8%، وهو أعلى معدل سجلته الإحصائيات الدولية بين مجموعة الدول المتخلفة في هذا العام، وذلك لتزايد الاعتماد المصري على القروض الخارجية قصيرة الأجل وحلول آجال السداد لمعظم القروض المتوسطة والطويلة.
وفي عام 1974، تعرض عجز الميزان التجاري في مصر إلى قفزة هائلة من 98 مليون جنيه في عام 1973 إلى 530 مليون جنيه. أي بزيادة نحو خمسة أضعاف ونصف.
كما ارتفعت نسبة العجز من 2.6% في عام 1973 إلى 12.6% في عام 1974 نتيجة للزيادة المفاجئة في الواردات والتي مولتها القروض الخارجية قصيرة الأجل (التسهيلات المصرفية).
وتراجعت نسبة الاحتياطات الدولية للواردات من 11.2% في عام 1973 إلى 4.4% في عام 1974. علاوة على تدهور تغطية الصادرات للواردات إلى 64.5% وارتفاع نسبة عجز الموازنة من 14% في 1973 إلى 18% في 1974.
و أعلنت السلطة السياسية تبنيها سياسة الانفتاح الاقتصادي، الذي بدوره يوفر الضمانات والحوافز ومنح الامتيازات وتهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات.
فأظهرت السياسة الاقتصادية للدولة ميلًا للقروض الخارجية الرسمية، وتفضيلًا لشكل الاستثمارات الأجنبية الخاصة، الذي يتيح الفرصة لرأس المال الأجنبي والعربي للإسهام في دعم الاقتصاد المصري.
وفي عام 1975، ارتفع حجم المساعدات التي قدمتها الدول العربية لمصر، ووصلت إلى أعلى مستوى لها فبلغت 2.774 مليار دولار، حيث غطت تلك المساعدات 106% من عجز الميزان التجاري و80% من إجمالي العجز الخارجي. لكن الحال لم يدم طويلًا، فشهد عام 1976 انخفاضًا في معدل المساعدات العربية إلى 1.72 مليار أي بما يعادل 58% من عجز الميزان التجاري و42% من إجمالي العجز الخارجي.
فقامت الحكومة المصرية بتوقيع برنامج للتثبيت الاقتصادي مع صندوق النقد خلال الفترة 1977-1981، من أجل تجاوز تلك المشاكل الخاصة بالعجز في ميزان المدفوعات.
وفى عامي 1991- 1993 في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك اقترضت مصر للمرة الثانية فى تاريخها نحو 375 مليون دولار لسد عجز الميزان التجاري.
وخلال عامي 1996 ــ 1998 طالبت مصر بقرض من صندوق النقد قيمة 434.4 مليون دولار لكن تم إلغاؤه.
وشكل هدا الاتقاق إطارا سمح لمصر بالحصول على إلغاء 50% من دينها الرسمي المستحق لبلدان أعضاء في نادي باريس.
ومنذ عام 1993 لم نحصل مصر على أي قروض من الصندوق، واقتصر دور الصندوق على المشاورات والمساعدة الفنية.


تعاون مع صندوق النقد الدولى خلال الفترة من عام 2011 الى 2013
طالبت مصر بالحصول على قرض فى عهد المجلس العسكرى ومرتين فى عهد الرئيس السابق محمد مرسى، كانا أقرب إلى حصول مصر عليها، فقد تمت الموافقة على القرض كما طالبت بزيادته من 3.2 إلى 4.7 مليار دولار، ولكن عدول مرسى عن تنفيذ العديد من الإصلاح التى تم الاعلان عنها أدى إلى تعليق المفاوضات.
خلال عام 2016 قامت مصر بتبني برنامج إصلاح اقتصادي مدته 3 سنوات، عقب الحصول على قرض بـقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد على 6 شرائح على مدار 3 سنوات تزامنا مع برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأت مصر تنفيذه في 2016.
وخلال 2020 حصلت مصر علي 2.77 مليار دولار كمساعدات عاجلة من خلال أداة التمويل السريع للمساهمة في مواجهة تداعيات أزمة جائحة كورونا.
وقال صندوق النقد الدولي، إن الاقتصاد المصري تغلب على صدمة كوفيد 19، وواصل النمو.
وكانت مصر من الاقتصادات الصاعدة القليلة التي حققت معدل نمو موجبا في 2020، وأبدى الاقتصاد المصري "صلابة" في مواجهة الجائحة، بفضل استجابة الحكومة السريعة والحذرة على مستوى السياسات، مقترنة بالدعم من صندوق النقد الدولي.- ويرى فريق الصندوق المعني بمصر، أن جائحة كوفيد-19 تمثل صدمة هائلة للاقتصاد المصري، على غرار الأسواق الصاعدة.
- ووفقا لتقرير صندوق النقد ، فإن الإغلاق العام الجزئي والقيود على طاقة استيعاب الأماكن العامة، أدت إلى تراجع مؤقت في الأنشطة المحلية، بينما تعرضت موازنة الحكومة للضغوط لأن تباطؤ النشاط الاقتصادي أسفر عن انخفاض الإيرادات الضريبية.
و شهدت مصر خروج تدفقات رأسمالية كبيرة تزيد على 15 مليار دولار خلال الفترة من مارس–إبريل 2020، مع انسحاب المستثمرين من الأسواق الصاعدة بحثا عن الاستثمار المأمون.- ويرى ديكشا كيل، عضو فريق الصندوق لمصر، أن مصر دخلت أزمة كوفيد-19 مسلحة بهوامش كبيرة، بفضل الإصلاحات التي نفذتها منذ عام 2016 لتسوية الاختلالات الاقتصادية الكلية، من خلال اتفاقات مثل "تسهيل الصندوق الممدد" للفترة 2016-2019.
خلال عام 2021 حصلت مصر علي قرض إجمالي بلغ نحو 5.4 مليار دولار. ضمن "اتفاق الاستعداد الائتماني"، وذلك لمساعدة الدولة على سد العجز في ميزان المدفوعات،.
حيث وافق عليه صندوق النقد بشكل نهائي أواخر يونيو 2020، وجاء القرض بعد شهر من حصول مصر على تمويل آخر بقيمة 2.77 مليار دولار من صندوق النقد الدولي من خلال أداة التمويل السريع.
وخلال عام 2022 توصلت مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في أكتوبرعام 2022 للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، لمواجهة أزمة نقص النقد الأجنبي في البلاد بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بأكثر من 20 مليار دولار في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع معدلات التضخم عالميًا، وكان من المقرر استلامه على مدار 4 سنوات، على 9 شرائح، كل شريحة تقدر بنحو 347 مليون دولار. لكن لم تحصل مصر إلا على الشريحة الأولى من القرض 347 مليون دولار، وأجّل الصندوق صرف باقي الشرائح لحين إجراء المراجعتين الثانية والثالثة.
زيادة قيمة قرضه من 3 إلى 8 مليارات دولار
وفى 6 مارس 2024 توصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة قيمة قرضه من 3 إلى 8 مليارات دولار، على أن تطبق مصر مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية، أهمها الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، وخفض الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، وتمكين القطاع الخاص .
يأتي هذا الاتفاق بعد عدة قرارات اتخذها البنك المركزي المصري ، أبرزها رفع سعر الفائدة بأعلى نسبة في تاريخه بواقع 600 نقطة أساس بتاريخ 6/3/2024 ليرتفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، والسماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقًا لآليات السوق مما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار إلى 49.47 جنيه للشراء، و49.57 جنيه للبيع، في البنك المركزي، بنهاية الأربعاء 6 مارس 2024 ، كما وجه بفتح حدود استخدامات بطاقات الائتمان بالعملة الأجنبية .
وقال رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، إن التوقيع على الاتفاق مع صندوق النقد، سيسمح للحكومة المصرية بالتقدم للحصول على قرض إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع لصندوق النقد الدولي، ليصبح المجموع الكلي نحو 9 مليارات دولار.
وأضاف أن "توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يسمح أيضا لباقي شركاء التنمية وعلى رأسهم البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، لتوفير قروض ميسرة للدولة المصرية بحيث يكون برنامج متكامل بأرقام كبيرة يُمكن مصر من الاستقرار النقدي والاستمرار في الإصلاحات الهيكلية".
وقالت جولي كوزاك، المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، إن المجلس التنفيذي للصندوق أرجأ النظر في صرف شريحة قرض قيمتها 820 مليون دولار لمصر حتى 29 يوليو، لوضع اللمسات الأخيرة على بعض التفاصيل المتعلقة بالسياسات، مضيفة أن مثل هذه التأجيلات ليست استثنائية وتأتي وسط ظروف صعبة.
وأوضحت كوزاك أن مصر تسير على المسار الصحيح في الإصلاحات الاقتصادية، وتواصل العمل وسط ظروف إقليمية صعبة ناجمة عن الحرب في قطاع غزة وتصاعد هجمات حركة الحوثي على سفن الشحن في البحر الأحمر، وهو ما أدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس بأكثر من النصف مقارنة بالعام الماضي.
وتتيح موافقة الصندوق على المراجعة الثالثة لبرنامج مصر صرف مبلغ 820 مليون دولار تمثل الشريحة الثالثة من اتفاق تسهيل الصندوق الممدَّد البالغ قيمته 8 مليارات دولار، والذي وافق عليه الصندوق سابقًا لدعم البرنامج.