آخر الأخبار
الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025 03:46 م
نصت اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ على تشكيل لجنة القيم في مستهل كل دور انعقاد سنوي عادي، باعتبارها إحدى أهم اللجان النوعية ذات الطابع الرقابي والأخلاقي داخل المجلس، وذلك تنفيذًا لأحكام التنظيم البرلماني التي تهدف إلى ترسيخ مبادئ الانضباط والمسؤولية تحت قبة المجلس، والحفاظ على الصورة اللائقة للمؤسسة التشريعية أمام الرأي العام.
ووفقًا للمادة (30) من اللائحة، تُشكل لجنة القيم بقرار من المجلس في بداية كل دور انعقاد، بناء على ترشيح اللجنة العامة، على أن تكون برئاسة رئيس لجنة الشئون التشريعية والدستورية، وعضوية أربعة عشر عضوًا يرشحهم مكتب المجلس، مع مراعاة أن يكون نصفهم على الأقل من غير المنتمين للحزب الحائز على أكثرية المقاعد داخل المجلس، بما يضمن التوازن والموضوعية في نظر الموضوعات المعروضة أمام اللجنة.
وتنتخب اللجنة في أول اجتماع لها وكيلين وأمينًا للسر بالأغلبية المطلقة، ولا يكون اجتماعها صحيحًا إلا بحضور أغلبية الأعضاء، بينهم رئيس اللجنة أو أحد وكيليه، وتصدر قراراتها بأغلبية الحاضرين، ما لم يرد نص خاص بخلاف ذلك، وتحرر محاضر جلساتها ويوقعها الرئيس والأمين، حرصًا على الشفافية وتوثيق الإجراءات.
وتختص اللجنة – بحسب المواد من (31) إلى (37) من اللائحة – بالنظر فيما يُنسب إلى أعضاء مجلس الشيوخ من مخالفات تمثل خروجًا على القيم الدينية أو الأخلاقية أو الاجتماعية، أو المبادئ الأساسية السياسية أو الاقتصادية للمجتمع المصري، أو الإخلال بواجبات العضوية، وذلك وفقًا لأحكام الدستور والقانون واللائحة الداخلية.
ويُحال العضو إلى لجنة القيم بقرار من مكتب المجلس إذا رأى مبررًا لذلك، بعد سماع أقواله. وبعد الإحالة، تُخطر اللجنة العضو كتابة للحضور أمامها في الموعد الذي تحدده، على ألا تقل المدة بين الإخطار وتاريخ الجلسة عن سبعة أيام، ليُتاح له الوقت الكافي لإعداد دفاعه.
وفي حال تخلف العضو عن الحضور دون عذر مقبول، تُعيد اللجنة إخطاره مرة أخرى، فإذا تخلف بعد ذلك دون مبرر، تستمر اللجنة في مباشرة إجراءاتها. وفي أول اجتماع يحضره العضو، يطلع رئيس اللجنة على ما هو منسوب إليه رسميًا، وتستمع اللجنة إلى أقواله وأوجه دفاعه، وله أن يختار أحد أعضاء المجلس لمعاونته في الدفاع.
كما يجوز للجنة أن تُجري التحقيق بنفسها أو من خلال لجنة فرعية تُشكل من بين أعضائها، ثم تُعرض نتيجة التحقيق على اللجنة الأصلية لاتخاذ القرار النهائي بشأنها. ويُعد هذا النظام ضمانة مهمة لتحقيق العدالة والشفافية، ويؤكد التزام المجلس بمبادئ التحقيق البرلماني المنصف الذي يوازن بين الحفاظ على الانضباط وصون حقوق الأعضاء.
ولا يجوز حضور اجتماعات لجنة القيم إلا لأعضائها، باستثناء من يندبه رئيس المجلس لأمانة اللجنة بناءً على ترشيح رئيسها، أو من تأذن له اللجنة بالحضور أمامها. وتُعتبر جلسات اللجنة من أكثر الاجتماعات حساسية داخل المجلس نظرًا لطبيعة القضايا التي تتناولها، والتي تمس سلوك وأداء الأعضاء بشكل مباشر.
وبعد الانتهاء من دراسة الوقائع والتحقيق فيها، يحق للجنة القيم أن تصدر قرارًا مسببًا بحفظ الموضوع إذا تبين لها عدم وجود مخالفة تستوجب الجزاء، ويتم إخطار مكتب المجلس والعضو صاحب الشأن بهذا القرار كتابةً. أما إذا ثبت ارتكاب العضو مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في قرار الإحالة، فللجنة أن تقترح توقيع أحد الجزاءات البرلمانية المنصوص عليها في المادة (246) من اللائحة.
وتتدرج هذه الجزاءات من اللوم، إلى الحرمان من حضور جلسة أو أكثر من جلسات المجلس، ثم الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس لمدة لا تجاوز دورتين عاديتين متتاليتين، وصولًا إلى إسقاط العضوية في الحالات الأشد جسامة.
ويُعرض تقرير اللجنة باقتراح توقيع الجزاء على المجلس في أول جلسة تالية، ويجوز أن تُعقد الجلسة في صورة سرية بناءً على طلب العضو المقترح توقيع الجزاء عليه، وبعد سماع معارض واحد للسرية ودون مناقشة. ويملك المجلس في النهاية سلطة اتخاذ القرار، سواء بحفظ الموضوع أو بتوقيع الجزاء المناسب من بين ما هو منصوص عليه في اللائحة.
وفي الحالات التي ترى فيها لجنة القيم – بأغلبية أعضائها – أن المخالفة المنسوبة إلى العضو بالغة الجسامة وتستوجب إسقاط العضوية، فإنها تُحيل الأمر بتقرير مفصل إلى مكتب المجلس، الذي يقرر بدوره إحالة العضو إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لاستكمال الإجراءات.
وتقوم لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بدراسة الموضوع من جميع جوانبه، ولها أن تقترح توقيع أي من الجزاءات البرلمانية الأخرى المنصوص عليها في المادة (246). فإذا رأت أن ما ثبت قبل العضو يستدعي إسقاط العضوية، فإنها ترفع الأمر إلى المجلس وفق الإجراءات المحددة في المادتين (252) و(253) من اللائحة، حيث يُعرض التقرير في جلسة عامة تُخصص لمناقشة هذا الشأن.
ويفصل المجلس في اقتراح إسقاط العضوية بناءً على تقرير اللجنة بعد سماع دفاع العضو، ويجوز عقد الجلسة في صورة سرية إذا طلب العضو ذلك، وبعد سماع معارض واحد للسرية دون مناقشة. وللمجلس أن يقرر في النهاية حفظ الموضوع أو إسقاط العضوية أو توقيع أحد الجزاءات الأخرى بحسب ما يراه مناسبًا.
ويعكس هذا التنظيم الدقيق لاختصاصات لجنة القيم وطرق تشكيلها وتحقيقها حرص مجلس الشيوخ على إرساء قواعد أخلاقية وسلوكية رفيعة المستوى تضمن احترام القيم البرلمانية في الأداء العام للأعضاء، وتمنع أي تجاوزات قد تمس سمعة المجلس أو تقلل من مكانته باعتباره المؤسسة التشريعية الأعلى التي تمثل صوت الخبرة والرأي الرصين في الدولة المصرية.
ويؤكد عمل اللجنة أيضًا أن المجلس يتبنى نهجًا مؤسسيًا يقوم على الشفافية والمساءلة، ويوازن بين الحفاظ على حرية الرأي للأعضاء وبين التزامهم بالانضباط البرلماني. فوجود لجنة القيم لا يهدف إلى تقييد الأعضاء، بل إلى ضمان ممارسة حرية التعبير تحت القبة في إطار من المسؤولية والاحترام المتبادل، بما يعزز الثقة العامة في أداء مجلس الشيوخ كأحد أعمدة النظام الديمقراطي في مصر.
وفي هذا الإطار، يمثل تشكيل لجنة القيم في بداية كل دور انعقاد رسالة واضحة بأن الانضباط واحترام القواعد البرلمانية ركيزة أساسية في العمل التشريعي والرقابي، وأن مجلس الشيوخ، بقيادته وأعضائه، عازم على مواصلة أداء دوره الوطني وفق أعلى معايير السلوك البرلماني، بما يجسد صورة إيجابية للممارسة السياسية الراقية ويصون مكانة المجلس وهيبته أمام المواطنين.
قد يعجبك ايضا