آخر الأخبار
الأربعاء، 05 نوفمبر 2025 04:01 م
شهدت فعاليات قمة إيجيبت أوتوموتيف 2025 زخماً لافتاً من النقاشات والحوارات التي جمعت كبار صناع القرار ورواد صناعة السيارات في مصر والعالم، حيث تمحورت الجلسات حول مستقبل الصناعة الوطنية، وتوجهات السوق العالمية، ودور التحول الاقتصادي في دعم قطاع السيارات والطاقة النظيفة.
وجاءت الكلمات الرئيسية والجلسة الأولى لتؤكد على أن مصر تمتلك فرصة تاريخية للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات في إفريقيا، مدعومة برؤية حكومية واضحة وشراكات قوية بين القطاعين العام والخاص.
قال أنكوش أرورا، الرئيس التنفيذي لشركة منصور للسيارات، إن صناعة السيارات العالمية تدخل مرحلة غير مسبوقة من التحول مدفوعة بأربع قوى رئيسية: الحماية الاقتصادية، صعود العلامات الصينية، انتشار المركبات الجديدة للطاقة، والتحالفات الاستراتيجية.
وأكد أن «عصر المنافسة الفردية قد انتهى»، موضحًا أن التحالفات الذكية أصبحت شرط النجاح في ظل التحديات التكنولوجية المتسارعة.
وأشار أرورا إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح جبهة الثورة الجديدة في الصناعة، قائلاً: "الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا بل ضرورة، ومن لا يتبناه سيواجه تكاليف أعلى وكفاءة أقل".
وأضاف أن العالم يعيش اليوم "سباقًا ثلاثيًا" نحو المستقبل يشمل السرعة إلى السوق، التكامل الرأسي، والذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن الصين تتصدر السباق بفضل تفوقها في تكنولوجيا البطاريات والابتكار في أنظمة الشحن الفائق.
وختم كلمته بالتأكيد على أن مصر تمتلك فرصة تاريخية لتصبح مركزًا صناعيًا إقليميًا في مجال السيارات الجديدة للطاقة، بفضل طاقاتها البشرية الشابة ورؤية الدولة لدعم التصنيع المحلي.
من جانبه، أكد هو يوان، نائب رئيس شركة بايك العالمية، أن دخول العلامات الصينية للسوق المصري يعزز المنافسة ويصب في مصلحة المستهلك.
وقال: "السوق المصرية من أكثر الأسواق ديناميكية في إفريقيا، وتطور الاقتصاد المحلي وارتفاع نسبة الشباب يجعلانها بيئة مثالية للتوسع والاستثمار".
وأوضح أن شركة بايك ستواصل تقديم سيارات الوقود والهجينة، فيما تركز علامتها الجديدة Arcfoxعلى المركبات الكهربائية، مشيرًا إلى أن إطلاق ثلاثة طرازات جديدة في مصر يعكس التزام الشركة بتقديم تكنولوجيا متقدمة وأسعار تنافسية.
وأضاف هو يوان أن الشركة ستطلق مركز توزيع إقليمي لقطع الغيار في دبي مطلع العام المقبل لتعزيز كفاءة سلاسل الإمداد، بالتعاون مع شريكها المحلي "الكمبو"، مؤكدًا أن "حل أزمة قطع الغيار يبدأ من تحسين الإدارة، لا من التقنية فقط".

الجلسة النقاشية: "مشهد صناعة السيارات في مصر… التطور، استراتيجيات النجاح، والطريق نحو المستقبل"
أدار الجلسة الدكتور حليم أبو سيف، العضو المنتدب لشركة رادا للعلاقات العامة، وشارك فيها نخبة من قادة الصناعة الذين قدموا رؤى عميقة حول مستقبل القطاع.
حيث أكدت شارون نيشي، رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة جنرال موتورز مصر وشمال إفريقيا، أن الشركة كانت وما تزال رائدة التصنيع المحلي في مصر منذ أكثر من أربعين عامًا.
وقالت: "جنرال موتورز لا تمارس التوطين كشعار، بل كقناعة واستثمار طويل الأجل في السوق المصري".
وأوضحت أن الشركة استثمرت أكثر من 530 مليون دولار في مصر، مؤكدة أن توطين الصناعة لا يعني الإنتاج فقط، بل نقل المعرفة والمعايير العالمية لضمان الجودة والسلامة.
وأضافت أن قطاع السيارات يمكن أن يمثل ما بين 5 إلى 7٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمصر إذا تم تطبيق السياسات الداعمة للاستقرار الصناعي.
ومن جانبه، استعرض المهندس محمد عبد الصمد، العضو المنتدب لشركة نيسان مصر، أهمية بناء منظومة إمداد محلية قوية باعتبارها العمود الفقري لصناعة السيارات.
وقال: "من دون سلسلة إمداد مؤمنة، تصبح الصناعة بأكملها عرضة للمخاطر في أي لحظة".
وأشار إلى أن توطين سلسلة الإمداد يحقق مكاسب اقتصادية واستدامة بيئية، موضحًا أن تقليص مسافات نقل المكونات يقلل الانبعاثات ويعزز المرونة في تلبية احتياجات السوق.
وأكد أن "مصر تمتلك قاعدة ضخمة من الكفاءات القادرة على قيادة التطوير الصناعي والتحول إلى مركز إقليمي لتصنيع السيارات في إفريقيا".
قال عثمان عبد المنعم، العضو المنتدب لشركة أوتو موبيليتي، إن السوق المصرية تشهد تحولًا جذريًا مع صعود العلامات الصينية التي ارتفعت حصتها إلى نحو 35% من السوق، متجهة إلى 50% خلال فترة قصيرة.
وأوضح أن "المنافسة لم تعد تقتصر على الأسعار، بل أصبحت تُبنى على الجودة، والابتكار، وثقة المستهلك"، مشيرًا إلى أن الشركات الصينية أصبحت اليوم تحدد معايير جديدة للتكنولوجيا والجودة عالميًا.
وأضاف: "المرحلة القادمة يجب أن تشهد انتقال المنافسة من حرب الأسعار إلى بيئة مستدامة تُبنى على الجودة والابتكار وثقة المستهلك".

وقال: "قد نكون بدأنا متأخرين، لكننا بدأنا في الاتجاه الصحيح".
وأضاف أن حماية الاستثمارات المحلية وتنظيم السوق يمثلان شرطًا أساسيًا لبناء صناعة قوية، مؤكدًا أن "الصناعة ليست تجارة قصيرة الأجل، بل استثمار طويل المدى يتطلب رؤية وصبرًا واستقرارًا تشريعيًا".
اختتمت الفعاليات بكلمة الخبير الاقتصادي هاني جنينة، الذي أكد أن الاقتصاد المصري يشهد مرحلة استقرار نوعي خلال عام 2025، نتيجة التفاعل الإيجابي بين السياسات المحلية والتطورات الإقليمية والدولية.
وأوضح أن تداعيات تعويم الجنيه في 2024 كانت إيجابية، مشيرًا إلى أن تدفقات رأس المال من الخليج ساهمت في دعم السوق المحلي واستقرار سعر الصرف.
وقال: "مصر كانت من أفضل الأسواق أداءً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال عام 2025 من حيث العائد بالدولار الأمريكي".
وتوقع جنينة أن يشهد عام 2026 تحسنًا في القدرة الشرائية وانخفاضًا في معدلات التضخم إلى نحو 9٪، ما يمهد لمرحلة جديدة من النمو القائم على الطلب المحلي والاستقرار النقدي.
وفي ختام المؤتمر أقيم عرض مسرحي غير تقليدي يجسد شخصيات العاملين بايجيبت أوتوموتيف ويحكي تاريخ المؤتمر على مدار دوراته العشر.
ليقام بعدها حفل لتقديم بعض التكريمات والتي تم تقسيمها لثلاث فئات، الفئة الأولى الرؤساء الشرفين للدورات التسع السابقة وجاءت الأسماء كالتالي: دكتور أحمد فكري عبد الوهاب، المهندس خالد نصير، والأستاذ كريم النجار، والسيد مايكل ويتفيلد، والسيد أنكوش ارورا، المهندس رأفت الخناجري، والدكتور خالد شديد، والأستاذ محمد قنديل، وتكريم خاص لكل من الأستاذ هشام حسني، والسيدة شارون نيشي، والأستاذ علاء صلاح الدين.

وأخيرًا الفئة الثالثة والأخيرة لشخصيات ساهمت في مسيرة النجاح، وجاءت الأسماء كالتالي: إبراهيم القاضي، إيهاب عوض، تامر الشافعي، حليم أبو سيف، دعاء يسري، رامي محارب، عبد الرحمن سلطان، علي عقل، محمد أبو جلالة، ماري ظريف، نهى المليجي.
واختُتم اليوم الأول من القمة بأجواء من التفاؤل والثقة في قدرة مصر على بناء صناعة سيارات متكاملة قائمة على التكنولوجيا والاستدامة والشراكات الإقليمية، وسط إجماع من الحضور على أن البرنامج القومي لتنمية صناعة السيارات يمثل نقطة تحول تاريخية في مسار هذا القطاع الحيوي.
توصيات قمة إيجيبت أوتوموتيف 2025
خرجت القمة بعدد من التوصيات والمقترحات العملية التي من شأنها دفع الصناعة إلى مرحلة جديدة من النمو المستدام، وجاء أبرزها كالتالي:
1. التركيز على التصدير الإقليمي وجعل مصر مركزًا لتجميع وتصدير السيارات للأسواق الإفريقية والعربية.
2. تنمية الكفاءات البشرية عبر برامج تدريبية متخصصة بالتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص ومراكز البحث العلمي.
3. تعزيز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في تنفيذ سياسات التحول الأخضر وتبني حلول النقل المستدام.
4. توسيع نطاق الحوار السنوي الذي تتيحه قمة إيجيبت أوتوموتيف ليشمل مستجدات الأسواق الإقليمية، وتبادل الخبرات مع الشركات العالمية.
5. تفعيل منظومة متابعة وتقييم الاستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات عبر مؤشرات أداء واضحة وشفافة تقيس التقدم المحقق في توطين الصناعة وجذب الاستثمارات الجديدة.
6. إنشاء مراكز إبداع وتطوير تكنولوجي في مجال المركبات الذكية والكهربائية بالتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث والشركات العالمية، لتعزيز الابتكار المحلي ونقل المعرفة المتقدمة إلى السوق المصري.

7. تحفيز الاستثمار في حلول النقل الذكي والبنية التحتية الرقمية مثل نظم إدارة المرور الذكية، والمنصات الرقمية للخدمات اللوجستية، بما يواكب التحول العالمي نحو المدن الذكية.
8. دعم سلاسل القيمة المتكاملة لصناعة السيارات من خلال إنشاء مناطق صناعية متخصصة للصناعات المغذية، مزودة بخدمات لوجستية وتقنية متطورة تسهّل التكامل بين المصنعين والموردين.
9. تعزيز التعاون الإقليمي بين مصر والدول الإفريقية والعربية لتأسيس سوق موحدة لصناعة السيارات ومكوناتها، بما يدعم فرص التصدير المشترك وتبادل الخبرات والتكنولوجيا.
10. إطلاق مبادرة وطنية للتمويل الأخضر في قطاع السيارات تهدف إلى تمويل المشاريع التي تدعم التحول للطاقة النظيفة والمركبات المستدامة، بالتعاون مع البنوك المحلية والمؤسسات الدولية.
وجدير بالذكر أن المشاركون أشادوا بالتنظيم المتميز للقمة وبالدور الذي تلعبه في خلق منصة حوار فعالة بين صُنّاع القرار والمستثمرين، مؤكدين أن التوصيات الصادرة هذا العام تمثل خريطة طريق واضحة لدفع صناعة السيارات المصرية نحو العالمية.
كما وجهت اللجنة المنظمة شكرها العميق لكل الجهات المشاركة والرعاة الداعمين، مؤكدة استمرار القمة في أداء دورها كـمنصة استراتيجية لتبادل الخبرات ورسم مستقبل الصناعة في مصر والمنطقة.

قد يعجبك ايضا