بـ 142 مليون دولار.. سيارة مرسيدس-بنز تتصدر قائمة المركبات الأغلى في تاريخ المزادات

 عندما قدّم كارل بنز مركبته ذات الثلاث عجلات عام 1885، لم يخطر بباله أن ابتكاره البسيط سيقود بعد أكثر من قرن إلى سيارات تُباع بأرقام تكاد تتجاوز الخيال. فاليوم تتربع مرسيدس-بنز على عرش أغلى السيارات في تاريخ المزادات، متقدمة بفارق هائل على جميع المنافسين.

فعلى الرغم من حضور أسماء كبيرة مثل شيلبي وبورشه وفيراري في قائمة الأسعار القياسية، إلا أن الصدارة بقيت حكرًا على العملاق الألماني. ففي فبراير 2025 خطفت سيارة السباق W196 R Stromlinienwagen – المعروفة باسم “الانسيابية” – الأضواء عندما بيعت في مزاد خاص داخل متحف الشركة في شتوتغارت مقابل 53.01 مليون دولار. السيارة تُعد واحدة من أربعة نماذج مكتملة فقط حول العالم، وبيعها لأول مرة لمالك خاص منحها قيمة إضافية فوق ندرتها.

ورغم ضخامة هذا الرقم، فإنه لا يقارب حتى الرقم القياسي المطلق. ففي مايو 2022 بيع طراز Mercedes-Benz 300 SLR Uhlenhaut Coupe مقابل 142.4 مليون دولار، في صفقة وُصفت حينها بأنها “غير قابلة للكسر”. والفارق بين المركزين الأول والثاني يتجاوز 89 مليون دولار، وهو فارق يكفي وحده لشراء أسطول كامل من السيارات الفاخرة.

وراء الـ 300 SLR حكاية استثنائية، إذ بُنيت للمشاركة في سباق “كاريرا باناميريكانا” في المكسيك، لكن إلغاء السباق قبل انطلاقه حوّلها من سيارة منافسات إلى تحفة لم تُستخدم قط. لم يُصنع منها سوى نموذجين فقط، عُرفا بألوان مقصورتهما الداخلية: الأحمر والأزرق. النسخة التي بيعت هي “الحمراء”، بينما بقيت “الزرقاء” محفوظة في متحف مرسيدس.

ويجمع تصميم السيارة بين تقنيات سيارة الفورمولا 1 W196 وهيكل مستوحى من Gullwing 300 SL الشهيرة بأبوابها المجنّحة. كما زُوّدت بمحرك مستقيم من ثماني أسطوانات بقوة 306 أحصنة، قادر على بلوغ سرعة 180 ميلاً في الساعة، ما جعلها في خمسينيات القرن الماضي واحدة من أسرع سيارات الطرق في العالم.

أما الصفقة التاريخية نفسها، فقد أشرف عليها تاجر السيارات الكلاسيكية سيمون كيدستون، الذي مثّل مشتريًا فضّل عدم الكشف عن اسمه، بعد مفاوضات استمرت عامًا كاملاً لإقناع مرسيدس بالتخلي عن السيارة.

ولم يكن البيع مجرد عملية تجارية، إذ أعلنت مرسيدس أن كامل العائدات خُصص لإنشاء “صندوق مرسيدس-بنز” العالمي لتقديم منح دراسية في مجالات البيئة وتغيّر المناخ، إلى جانب برامج مهنية تساعد الشباب على تطوير مساراتهم المستقبلية.

وهكذا تحولت 300 SLR من مجرد سيارة نادرة إلى رمز يلخص تاريخًا يمتد لـ140 عامًا من الابتكار الهندسي، ورقمًا قياسيًا يُتوقع أن يظل عصيًا على الكسر لسنوات طويلة