سيكيرو هوندا..قصة صمود تنتهي بتأسيس شركة “هوندا”

كان الياباني “سيكيرو هوندا” أبعد ما يكون عن عتبة النجاح؛ إذ أنه ترعرع وسط أسرة فقيرة، وعانى الفشل الدراسي، ثم عاش أجواء الحرب العالمية الثانية ليصادف ما بها من أهوال على الصعيد الإنساني والاقتصادي.

ورغم كل ذلك، انتشل “سيكيرو هوندا” نفسه من قلب كل تلك الظروف المآسوية وأوجد لنفسه مخرجًا نحو العالمية والثراء؛ فكيف نجح “سيكيرو” في تأسيس شركة “هوندا” الرائدة في مجال صناعة السيارات والدراجات النارية؛ ليصبح بذلك أحد أعمدة الاقتصاد الكبرى في بلاده والعالم؟

الفقر والفشل الدراسي
ولد سيكيرو هوندا عام 1899 في إحدى مدن اليابان، وترعرع في كنف أسرة تعاني الفقر المدقع الذي أودى بحياة 5 أشخاص منها بسبب ندرة الطعام وسوء التغذية.

وفي مستهل حياته الدراسية، عانى الفشل الدراسي؛ ما دفعه إلى ترك المدرسة وهو لايزال في الصف الدراسي الثامن، متوجهًا للعمل.
حب “الميكانيكا”

أثناء عمل هوندا في ورشة صغيرة لصيانة السيارات، اكتشف شغفه بمجال الميكانيكا؛ فتابع شغفه، واقترض مبلغًا من المال لصناعة حلقات صمام للسيارات.

اكتشف شغفه بالميكانيكا خلال عمله في ورشة سيارات

سيكيرو هوندا مؤسس شركة هوندا للسيارات

أول عقبة
حاول هوندا للترويج لمنتجه الجديد لدى شركة “تويوتا” اليابانية الشهيرة في مجال صناعة السيارات، إلا أن الشركة رفضت شراء المنتج، بدعوى عدم استيفائه للشروط اللازمة.

المثابرة والعودة للتعليم
بدلًا من أن يدفع هذا الرفض “هوندا” لليأس والإحباط، عزم على العودة مجددًا للدراسة؛ كي يُنمي مهاراته ويطور من تصميم الصمامات التي أنتجها.

وظل يدرس طيلة عامين؛ حتى تمكن من تطوير منتجه بالمقاييس التي دفعت “تويوتا” للتعاقد معه.

عقبة تأسيس المصنع
قضى العقد المبرم بين هوندا وشركة “تويوتا”، بإمداد الشركة بعدد كبير من الصمامات؛ ما دفعه للتفكير في بناء مصنع لضخ تلك الكميات.
وفي هذه الأثناء وبينما اندلعت نيران الحرب العالمية الثانية، رفضت الحكومة اليابانية إمداد “هوندا” بالأسمنت اللازم لتشييد مصنعه، إلا انه لم ييأس وقرر إنتاج الأسمنت بنفسه مستعينًا ببعض معاونيه، وبالفعل أسس المصنع ودارت عجلة الإنتاج.

قصف المصنع
بينما أخذت عملية الإنتاج في النمو، تعرض المصنع لقصف جوي –جراء الحرب- تسبب في دمار أجزاء منه؛ فأعاد “هوندا” ترميمه، ثم لم تمضي أيامًا حتى قذف المصنع مرة أخرى؛ ليعاود الشاب البطل ترميم المصنع للمرة الثانية.

هزة أرضية
وبعد تكرار عملية ترميم المصنع مرتين، تعرضت اليابان لهزة أرضية، طرحت المصنع أرضًا وجعلته حطامًا؛ فباع “هوندا” فكرة الصمام شركة “تويوتا” مُقابل مبلغ من المال.

تحويل الأزمات إلى فرص
تعرضت اليابان لأزمة كساد اقتصادي، أدت إلى حدوث ندرة شديدة في إمدادات البنزين؛ فخلق “هوندا” من قلب تلك الأزمة فرصة جديدة مستغلًا خبرته وحبه لمجال الميكانيكا.

وعكف “هوندا” على تطوير دراجات هوائية تعمل بـ”الكيروسين” بدلًا من البنزين؛ فلاقى ابتكاره إقبالًا منقطع النظير.

الصعود إلى القمة
في مرحلة لاحقة، شيد “هوندا” مصنعه الجديد لصنع المحركات اللازمه لابتكاره الجديد؛ فحقق نجاحًا مبهرًا، وأنتج كميات ضخمة من الدراجات النارية أيضًا، وخصص جزءًا منها للتصدير.

وأسس هوندا شركته 1948 في اليابان، والتي حققت منتجاتها رواجًا واسـع النطـاق على مستوى العالم.

وفي عام 1968، باعت شركة هوندا مليون دراجة نارية إلى الولايات المتحدة وأوروبا، فيما نال “سيكيرو هوندا” جـائــزة إمـبراطـور اليابان.

جانب اجتماعي
حينما بلغ “هوندا” 63 عامًا تنحى عن منصب رئاسة الشركة، وحرص على إدراج الكوادر الشابة بها، ثم كرس حياته للخدمات العامة، وفي الخامس من أغسطس من عام 1991، توفى “هوندا” إثر إصابته بالفشل الكلوي، تاركًا لنا درسًا ثمينًا في الطموح الذي لا حدود له.

شركة هوندا اليوم
تُعد شركة هوندا -في الوقت الراهن- إحدى أهم إمبراطوريات صناعة السيارات في اليابـان والعالم، ويعمل لدى فروعها نحو 100 ألف عامل في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان فقط.

نصيحة أخيرة:
كن صاحب طموح لا نهائي: تمتع بطل قصتنا “هوندا” بطموح لا حدود له؛ لذا كان فشله في كل مرة بمثابة دافع قوي لمواصلة الطريق وبذل مزيد من الجهد.

انظر لكل أزمة وكأنها فرصة: تمامًا مثل “هوندا” الذي استغل أزمة البنزين لإنتاج “الدراجات” والتي كانت البداية الفعلية لصعوده نحو القمة.