صناعة الذهب في مصر.. كنز يضع الدولة على الخريطة العالمية
تهتم مصر مؤخرًا بالتعدين عن الذهب لما يمثله من ثروة قومية تعمل على دفع الاقتصاد المصري إلى الأمام.
مليار دولار هو حجم الاستثمار الذي تستهدفه مصر في قطاع التعدين بحلول عام 2030، ومن المقرر أن تطرح مصر عددًا من المزايدات العالمية الجديدة أمام الشركات، للتنقيب عن الذهب والمعادن المصاحبة خلال الربع الأول من العام المقبل 2024، وتكثف مصر جهودها لزيادة الاستثمارات الموجهة إلى قطاع التعدين، وصناعة الذهب في مصر بشكل خاص.
وجاء إعلان وزير البترول طارق الملا، ببدء تجارب تشغيل الإنتاج التجاري للذهب من موقع “إيقات” في شلاتين بجنوب مصر، ليضيف أسهما للاقتصاد المصري على المستويين المحلي والعالمي.. فموقع الذهب الجديد بحسب ما ذكره الملا تقدر احتياطياته بنحو 1.2 مليون أوقية من الذهب، وتبلغ نسبة الاستخلاص فيه 95% وتعتبر من أعلى نسب الاستخلاص.. ومع بدء العمل في موقع “إيقات”، يصبح بذلك ثالث موقع في مصر يقوم باستخراج الذهب والمعادن المصاحبة.. حيث يعمل حالياً كل من شركة السكري لمناجم الذهب وشركة حمش مصر لمناجم الذهب.
وتسلم البنك المركزي المصري، شحنات من “الذهب” عبر شركة “شلاتين للثروة المعدنية” إحدى شركات هيئة الثروة المعدنية التابعة لوزارة البترول المصرية، بقيمة قاربت الـ 1.1 مليار جنيه خلال أول 6 أشهر من العام الجاري.
وقال مسؤول بهيئة الثروة المعدنية المصرية، إن إجمالي كميات الذهب المُسلمة من شركة “شلاتين للث روة المعدنية” إلى البنك المركزي تخطت حاجز النصف طن في النصف الأول من 2023.
جدير بالذكر أن وزارة البترول أجرت تعديلات الفترة الماضية على قانون الثروة المعدنية، ليتيح مزيدًا من الفرص الاستثمارية أمام شركات التعدين العالمية للاستثمار في مصر وتكثيف أنشطة البحث والتنقيب لمحاولة الوصول إلى مناجم تعدين جديدة تُعزز إنتاج مصر من الذهب؛ بالتزامن مع طرح الحكومة المصرية العديد من مزايدات البحث والتنقيب عن الذهب والمعادن الأخرى بشكل شبه سنوي.
وتؤدي إلى تنامي أنشطة البحث والاستكشاف بمناطق مصر التعدينية بالتزامن مع دخول شركات وكيانات تعدينية عالمية للسوق المصرية عبر المزيدات التي يتم طرحها لتثري قطاع الثروة المعدنية في مصر بخبرات وتقنيات متنوعة ستٌعزز فتح المجال الباب أمام تحقيق اكتشافات جديدة واستغلال أمثل للثروات التعدينية والصناعات القائمة عليها خلال السنوات القادمة.
اتجاهات إنتاج الذهب فى مصر
وبحسب الدكتور حسن بخيت، رئيس المجلس الاستشارى العربى للتعدين ورئيس رابطة المساحة الجيولوجية المصرى فإن هناك اتجاهين لإنتاج الذهب فى مصر، وهى الإنتاج من المناجم الكبيرة والإنتاج من المناجم الصغيرة، والاتجاهان يتم دعمهما من جانب الدولة، وذلك لأن المناجم الصغيرة لو تم استغلالها بالكامل ستكون رافد كبيرة لإنتاج الذهب بجانب الشركات الكبيرة، حيث يتم تقنين أوضاعها طبقا للاشتراطات الفنية والبيئية.
وأشارت دراسة صادرة عن المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلى أن مصر تحتضن نحو حوالى 270 موقعًا لإنتاج الذهب، بينها حوالي 120 موقعًا ومنجمًا معروفين تم استخراج الذهب منهم قديمًا، وتتوزع إلى 4 قطاعات.
منجم السكري
وتنتج مصر الذهب تجاريًا من منجمين رئيسين، منجم السكري الذي يعد أكبر منتج للمعدن الأصفر في مصر حاليًا، ومنجم حمش، وهو منجم فرعوني قديم يقع في الصحراء الشرقية وتديره شركة حمش مصر لمناجم الذهب. والجدير بالذكر أن إنتاج منجم السكري بلغ منذ بداية العمل فيه في عام 2009 وحتى نهاية فبراير الماضي من العام الجاري حوالي 5.2 ملايين أوقية، بالإضافة إلى حجم إيرادات كبير تجاوز حوالي 7.5 مليارات دولار وذلك منذ بدء الإنتاج في عام 2009. وهنا يجب الإشارة إلى نجاح منجم السكري خلال العامين الماضيين في إضافة نحو حوالي مليوني أوقية للاحتياطي المعدني، مع استهداف إنتاج ما بين حوالي 450 و480 ألف أوقية خلال العام الجاري، حيث شهد منجم السكري خلال السنوات الأخيرة تنفيذ استكشاف جيوفيزيقي باستعمال تقنيات حديثة لأول مرة في مصر
رفع الاحتياطي الاستراتيجي
وكان قد أكد الدكتور ناجي فرج، مستشار وزير التموين لشؤون صناعة الذهب، في وقت سابق، إنه متوقع إنتاج ما يقرب من 200 كيلو ذهب شهريا من منجم إيقات، مشيرا إلى أن منجم إيقات من المتوقع أن يساهم في زيادة معدلات إنتاج الذهب ورفع الاحتياطي الاستراتيجي، كما أشار إلى أن التنقيب عن الذهب من الأدوات الجيدة للدولة ويؤدي إلى ارتفاع الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب، كما أنه يُعطي قوة للجنيه المصري.. وقال إن استخراج الذهب من منجم السكري يساهم في رفع الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب إلى 300 طن؛ مما يساهم في رفع قيمة العملة المحلية.
خطط زيادة مواقع الإنتاج
يشار إلى أن هناك خططا طموحة لزيادة مواقع الإنتاج ومواقع البحث والاستكشاف التعديني، الأمر الذي ينعكس على العوائد الاقتصادية وفرص العمل التي توفرها الشركات الوطنية، مما يسهم في دفعة للاقتصاد المصري، سواء عن طريق إنتاج سبائك مبدئية يتم دمغها من خلال مصلحة الدمغة والموازين بالعيار المناسب لنوعيتها أو دمغ الذهب المستخرج من المناجم وختمه بالكود الدولي “9999” تمهيداً للتصدير أو استخدامه في زيادة احتياطيات مصر من الذهب بالتعاون مع البنك المركزي.
المزايدات العالمية للتنقيب
وتشمل المزايدة التي تطرحها مصر أكثر من 200 قطاع بالصحراء الشرقية بمساحة تبلغ 170 كيلو متراً مربعاً، ومصر طرحت في مايو الماضي مزايدة عالمية لها للتنقيب عن الذهب في 5 مناطق بالصحراء الشرقية، التي تديرها شركة “شلاتين للثروة المعدنية” وقامت بتمديد فترة تلقي الطلبات إلى نوفمبر المقبل بدلاً من أغسطس الماضي في مناطق، “فطيري”، و”البرامية”، و”عقود”، و”أم عود”، و”حماطة”
مصر بالمركز الثالث بين الدول الأكثر نمواً
وصنف مجلس الذهب العالمي في فبراير 2023، مصر بالمركز الثالث بين الدول الأكثر نمواً في زيادة الاحتياطي من الذهب على مدار العام المنقضي، حيث شهد عام 2022 تجاه مصر لشراء 44.64 طن على مدار العام الماضي، وتمت إضافة 44 طنا للاحتياطي في فبراير دفعة واحدة، وشراء 64 كيلو تقريبا في مرحلة لاحقة ليسجل احتياطي الذهب في مصر 125.55 طن.
مجلس الذهب العالمي
ووفقاً للتقرير الصادر عن مجلس الذهب العالمي، فإن البنك المركزي المصري كان “أكبر مشتر للذهب” بين البنوك المركزية العالمية خلال الربع الأول من 2022، بعدما اقتنى خلال فبراير 44 طناً من المعدن النفيس.
صادرات مصر من الذهب
ارتفعت صادرات مصر من الذهب والحلي والأحجار الكريمة بنسبة 47% خلال أول 10 أشهر من عام 2022، لتصل إلى 1.326 مليار دولار في مقابل 901 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2021 وفق ما أعلنه تقرير للمجلس التصديري لمواد البناء.
وصدرت مصر ذهبا وحليا وأحجارا كريمة إلى 37 دولة خلال عام 2022 وسيطرت كندا على 50.2% من إجمالي صادرات مصر من الذهب والحلي والأحجار الكريمة بقيمة 666 مليون دولار في مقابل 500 مليون دولار بنمو 33%.. كما استحوذت الإمارات العربية المتحدة على 49.5% من صادرات مصر من الذهب والحلي والأحجار الكريمة، بقيمة 656 مليون دولار في مقابل 291 مليون دولار بنمو 125%، وارتفعت صادرات الذهب والأحجار الكريمة المصرية إلى تركيا لتبلغ 3 ملايين دولار خلال الفترة من يناير- أكتوبر 2022 في مقابل مليون دولار خلال نفس الفترة من 2021، بنمو 73%.
تداول الذهب بالبورصة السلعية
و كشف الدكتور إبراهيم عشماوي مساعد أول وزير التموين والتجارة الداخلية ورئيس جهاز تنمية التجارة ورئيس مجلس إدارة البورصة المصرية للسلع إنه تم إجراء مزايدات مفتوحة على ٦٦ لوط سبائك ذهبية، “سبك محلى” بإجمالي وزن ١٤٤ كجم، إضافهً إلى ٤١ لوط سبائك فضة، “سبك محلى” بإجمالى وزن ١٠٢ كجم على منصة البورصة المصرية للسلع أمس الثلاثاء من مصادرات مصلحة دمغ المصوغات والموازين وذلك لأول مرة في تاريخ المصلحة التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية.
وأوضح “عشماوي” أنه عقب توجيه رئيس الجمهورية للجنة العليا للاستثمار بتعزيز وتفعيل آليات البورصة المصرية للسلع فقد تم عقد اجتماع برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء لحشد الطاقات وحث الوزارات المعنية بتداول سلعها بيعًا وشراءً علي منصة البورصة المصرية للسلع.
